إشراقة
استثمر فشلك
استثمارًا
إيجابيًّا
كثيرٌ من
الناس يخافون
الفشل جدًّا،
فلا يُجَرِّبُون
السِّبَاق،
ولايخوضون حَلْبَةَ
الصِّرَاع
والتنافس
النبيل؛ لأنهم
لا
يَتَجَرَّأُون
أن يفعلوا ما
يجب القيام به
وأن يركبوا
غُمارَ
الأخطار؛
ليكونوا ناجحين،
وأن
يَتَقَدَّمُوا؛
ليصرعوا
الفشل قبل أن
يُمْنَوْا به.
كلُّ
من يحلم بأن
ينجح فعليه أن
يتغلّب على خوفه
الفشلَ؛ لأن
مخافة الفشل قد
تستدعيه
وتجرّه إليه.
إن المسلم
عَلَّمَتْه
شريعتُه أن
يعقد العزمَ
على فعل شيء،
فيتوكّل على
الله، ويمضي
قُدُمًا، ولا
يلوي على شيء،
ولا ينظر
أبدًا إلى
الوراء. فقد
قال تعالى: «فَإِذَا
عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ
عَلَى اللهِ
إِنَّ اللهَ
يُحِبُّ
الْـمُتَوَكِّلِيْنَ»
(آل عمران/159) «ومن
يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللهِ
فَهُوَ حَسْبُهُ»
(الطلاق/3) إن
الرغبة في
تحقيق النجاح
يجب أن تأتي
قويّةً
جامحةً،
وتتغلّب
بالتأكيد على
مخافة الفشل.
لابدّ أن
يتعلّم
المرأُ قبول
ما هو كائن
وترك ما يكون
والثقة فيما
يمكن أن يكون،
بعد ما يكون
قد صدر عن
التفكير
الجادّ،
والرَّوِيَّة
الإيجابيّة
المُتَأَنِّية،
واستشارة
المخلصين الصالحين
من الناس؛ لأن
النجاح
والفشل بيد
الله وحده،
وعزيمتُه هو
تُكْسِبه
القوةَ وروحَ الإقدام
والاندفاع
والمنافسة
الشريفة في أفعال
الخير التي لا
يُحْصِيها
أحد، الأمرُ الذي
يجعله قادرًا
بإذن الله على
صنع النجاح
وإحراز الانتصار،
وتَجَنُّبِ
الفشل
والإخفاق.
أمّا مخافةُ
الفشل
والتردُّدُ
في شأن
الإقدام
والإحجام
فيجعله لا
يعقد العزمَ
ولا يُسَوِّي
الإرادةَ
القويّة
الأكيدة التي
تدفع إلى
العمل والتحرك
وخوض المعركة
الحياتية
المستمرة التي
لا تنتهي إلاّ
بانتهاء
حياته.
عندما يخوض
المرأُ هذه
المعركةَ فقد
يَحْظَى
بالنجاح، وقد
يتعرّض
للفشل،
ولايجوز أن
يكون النجاحُ
هو نصيبَه لدى
كلّ ركض. نعم
قد يحدث لإنسان
أن يَحْظَى
بالنجاح فقط
في كل سباق ولا يُمْنَى
بالفشل إلاّ
نادرًا؛ ولكن
ذلك استثناءٌ
في مواقف
الحياة لا
يَطَّرِد ولا
يحدث عادةً
دائمًا. الراكضُ
في مجال
الحياة لابدّ
حسب السنّة الكونيّة
التي وضعها
الله –
تعالى – أن يقع في
الكثير من
الأخطاء،
ويتعرض
للكثير من
المُثَبِّطَات،
ويشعر
بالكثير من
الألم،
ويواجه
المُحْبِطِين
أكثر من
المُشَجِّعِين؛
ولكنه يجب أن
يتعلم أنّ في
الحياة أخطاء
وزلاّت
وآلامًا
وتثبيطات
تجعله أكثر
ذكاء و وعيًا
وقوة داخليّة
وتماسكاً
نفسيًّا،
شريطةَ أن لا
ينزعج ولا
يقلق بشأن
الأخطاء
والآلام
والتثبيطات بشكل
يجعله يسقط في
الطريق،
وينصرف عن
المسار،
ويقعد عن
الاستمرار
اللجوج في
التقدم إلى المحطة
المنشودة.
أجملُ
الأشياء في
الحياة تأتي
نابعةً من التغييرات
التي تحصل بعد
المراجعة
الدقيقة الواعية
للحساب
الماضي
والمقارنة
المدروسة بين
الربح
المُتَوَقَّع
والخسارة
الحاصلة، تلك
المراجعة
والمقارنة
التي
يُجْرِيها
المرأُ بعد
الفشل الذي
يَلْحَقُه
فيتألّم منه
بكل كيانه.
الخائفُ
الجَزِعُ من
مرارة
الإخفاق
والفشل لا
يجترئ أن
يقتحم معاركَ
الحياة على
ثقة وتثَبّت
وعلى
تَأَكُّد من
النجاح،
وإنما يخوضها – إذا
اضْطُرَّ أن
يخوضها – مهزوزًا
داخليًّا
مسكونًا
بالشعور
بالفشل؛ فلا
تتجمع قواه
المعنويّة
ولا تساعده
على الهجوم
الفاعل على
الخصم الذي
أراد أن يغلبه
فيكسب الجولة
ويحقق
الانتصار.
تَجَمُّعُ
القوى
المعنوية في
كيان الإنسان لا
يتحقق إلاّ
عندما يكون
واثقًا بنفسه
ثقةً لائقة
بعدها. وعلى
قدر الثقة
بالنفس تحتشد
القوى
الداخليّة
وتتوجّه إلى
نقطة
الانطلاق إلى
الهدف. وهذه
الثقةُ لا
يَحْظَى بها
إلاّ
الإنسانُ
الشجاعُ الجريء
الطموح
القويّ
الإرادة غير
المبالي بالأخطار
تعترض طريقَه
وبالمتاعب
والمصاعب تهزّ
كيانَه هزًّا.
ومثلُه يكون
أقدرَ على التعامل
مع محطّات
الحياة كلّها
بما
يُلاَئِمُها
من المواقف،
فلا يبالي
بالأخطاء تقع
فيها والجولات
التي قد يتعرض
فيها للإخفاق.
استشعارُ
الفشل
واستحضاره
قبل الإقدام
على معركة من
معارك الحياة
يدلّ على أن
المرأ ضعيف
الإرادة
طبعًا،
ومعجونةٌ
طينته
بالتردّد المُؤَدِّي
إلى العودة من
وسط الطريق
إلى حيث بدأ
منه السفر.
دعك وهذا
الشعور
السلبيّ الذي
هو أعدى أعدائك؛
حيث يمنعك
دائمًا من
اتخاد خطوات
جريئة تحتاج
إلى الإرادة
الفولاذية
والقوة المعنوية
الحديدية
التي بها
وحدها
تُحَقِّق أنت
أبرزَ
الانتصارات
التي
يُسَجِّلها
التاريخُ
الذي قد
يُتِيح لك
الفرصةَ أن
تَتَبَوَّأَ مقعدَك
في محرابه.
الانتصارُ
والنجاحُ ليس
حَكْرًا على
أحد في الكون
حتى يكون هو
الناجح
دائمًا. وكذلك
الفشلُ
والإخفاقُ
ليس هو نصيبَ
أحد دائمًا؛
فلا
يَتَأَتَّى
له النجاحُ،
وإنّما
يلازمه
الفشلُ
ويلاحقه الإخفاق
كذلك.
والجدير
بتحقيق
النجاح في
الواقع هو ذلك
الرجل الذي
يبقى
مُحْتَفِظاً
بمعنويّاته
حتى بعد جولات
كثيرة من
الفشل وبعد
تتابع من
الأخطاء؛
لأنّ موقفه
يدلّ على أنه
لم يُسِئِ
الظنَّ بالله
تعالى، وإنما
أحسنه به
وتَوَكَّلَ
عليه و وَثِقَ
بأنه إنسانٌ
أكرمه تعالى
بقوى خارقة
تصنع
المُعْجِزَات
إذا استثمرها
استثمارًا مُوَفَّقًا،
وَصَرَفَها
في جهتها
المطلوبة، ولم
يتأثر من
العوامل
الخارجيّة
حتى بعد
الإخفاقات
المتلاحقة
التي كادت تقف
في طريقه
تخيفه كالغول
الأسود.
والاحتفاظُ
بالمعنويّة
رغم
الإخفاقات
والأخطاء
إنّما يتأتى
لأحد رجلين:
البليد المُغَفَّل
الذي
يُغَالِط
نفسَه في شأن
حقائق الحياة؛
والكبير
النفس البعيد
الهمة الذي
لايكاد ينهار
في أصعب
المواقف
وأقسى الظروف.
والمرأُ
الوسط بين
الرجلين هو
الذي يظلّ مترددًا
يُقَدِّم
رجلاً ويؤخر
أخرى، ويَتَشَجَّعُ
لدى النجاح
والربح
والحالة
الإيجابيّة،
ويُصَاب
بالإحباط
الشديد لدى
الفشل والخسارة
والحالة
السلبية التي
يُمْنَى بها.
ولكن
البليد
المغفل الذي
يقتحم حتى
أخطر المواقف
اقتحامًا
أخرق لا
يُعَدُّ
موقفُه مثلاً
يُحْتَذَى،
ولا مبدأً
ينبغي أن
تأتسي به
أفراد
المجتمع البشري؛
لأنه يصنع ما
يصنع لا عن
إرادة وغير منطلق
إلى تحقيق
غاية أو نصب
رأية بعد ما
يكون قد أحرز
قصبَ السبق.
وإنما يتصرّف
حسب ما تملي
عليه بلادته
التي قوامها
هو اللاوعي
المجرد الذي
أفعاله
الصادرة عنه
يُعَدّ شذوذًا
بين التصرفات
التي يقوم بها
البشر.
وإنما
الجدير
بالتقليد
والمحاكاة هو
تصرف الكبير
النفس البعيد
الهمة الذي
يصنع كل شيء في
الحياة
صادرًا عن
الوعي العميق
الدقيق والتفكير
المُوَفَّق.
اِعْلَمْ
دائمًا أن
الحياة
تَمْثُلُ لك
بالموقفين
كليهما: موقف
النجاح وموقف
الفشل، فيومًا
يُدَال لك
ويومًا
يُدَال عليك.
وأنت ستكون
عظيمًا إذا
تمالكت نفسك
فيهما معًا
ولا تفقد
معنويّتك
مهما عضّك
الفشل وقرصتك
الخسارة.
(تحريرًا
في الساعة 8 من
الليلة
المتخللة بين
الخميس
والجمعة:
23/جمادى الثانية
1435هـ = 24/أبريل 2014م)
أبو أسامة
نور
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
ذوالقعدة 1435 هـ =
سبتمبر 2014م ، العدد
: 11 ، السنة : 38